اظهرت وثائق رفعت عنها السرية مؤخراً، أن الحكومة الاسترالية كانت تعاني من "عيوب خطيرة" في عملية صنع القرار خلال مرحلة حرب العراق قبل أكثر من 20 سنة، وهو ما يتطلب فرض إجراءات جديدة لتحقيق الشفافية والمساءلة عند اتخاذ قرارات حول الانخراط في الحروب، بحسب صحيفة "أدفوكيت" الأسترالية.
وأشار التقرير الاسترالي، الى ان وثائق خاصة بمجلس الوزراء الاسترالي كانت مصنفة سرية وتعود الى العام 2004، تقدم رؤية تفصيلية حول التورط الاسترالي في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في العراق، وتلفت إلى أن النقاش الداخلي حول الحرب، كان محدودا، وجرى الاعتماد على معلومات استخباراتية مشكوك فيها، بالاضافة الى وجود جهود لحماية المصالح الاقتصادية، بما في ذلك تجارة القمح الاسترالية.
ونقل التقرير عن المؤرخ الاسترالي ديفيد لي، المتخصص بشؤون الحكومة الاسترالية، قوله إن دوافع حكومة جون هاورد لارسال قوات الى العراق تحت عنوان "اسلحة دمار شامل" كانت أصغر من دافع ان الولايات المتحدة هي التي طلبت المساعدة.
وبحسب لي، فان "حكومة هاورد أرادت تعزيز العلاقات مع الحكومة الامريكية".
وذكر التقرير بأن هاورد دافع مؤخرا عن قرار حكومته، مقرا بالاخفاقات الاستخباراتية التي أقنعت استراليا بالمشاركة، حيث قال ان "القرار اتخذ بحسن نية استنادا الى تقييم الاستخبارات الوطنية الذي سجل اعتقادا قويا للغاية بان لديهم (العراقيون) المخزون"، واصفا هذا الفشل بأنه كان بمثابة "ضربة".
ولفت التقرير الى ان غزو العراق قاد الى الاطاحة بنظام صدام حسين، الا انه لم يتم إيجاد مخزونات أسلحة الدمار الشامل.
وقال التقرير الاسترالي ان وثائق الحكومة الاسترالية تكشف أن القرارات الرئيسية قد تم اتخاذها من دون قيام الإدارات المعنية بتقديم الطروحات التي تظهر الآثار المترتبة على الانضمام الى الحرب، وانه بدلا من ذلك، هيمنت التقارير الشفهية والمداولات غير الرسمية داخل لجنة الامن القومي على المناقشات.
ونقل التقرير عن المؤرخ لي قوله أنه "كان هناك نقاش، وكان هناك تقرير شفهي لرئيس الوزراء، ثم كان هناك محضر مجلس الوزراء الذي نتج عن ذلك"، مضيفا انني "افترض انه لو كان هناك طلب من الإدارات، فربما كان القرار مختلفا، وربما كان هناك ظهور أكبر للمعارضين الذين يتشككون في القرار".
وبحسب لي فإن هذا التشكيك لو كان حصل "ربما سيكون أمرا جيدا اذا كان لديك قدر اكبر من التنافس حول قرارات متعلقة بالحرب والسلام".
وتابع التقرير انه "رغم ان وثائق مجلس الوزراء الاسترالي، تعتبر مصدرا مهما، إلا أنه بحسب المؤرخ "لي" فان هذه الوثائق لا تمثل سجلا تاريخيا كاملا"، موضحا ان "الوثائق تعكس شوطا طويلا في شرح تفكير الحكومة، الا ان هذه ليست القصة الكاملة لأن هناك سجلات إدارات وسجلات استخباراتية لم يتم فحصها بعد".
وبعدما لفت التقرير إلى ان وثائق الحكومة الاسترالية تسلط الضوء على الأولويات الاقتصادية في عملية صنع القرار، نقل عن "لي" قوله إن "احدى المصالح الاقتصادية الرئيسية لاستراليا كانت تجارة القمح مع العراق، لانه في الفترة التي سبقت حرب العراق، كانت شركة القمح الاسترالية المحدودة ناجحة للغاية في الحصول على حصة كبيرة من السوق".
وذكر التقرير أنه جرى الكشف لاحقا عن تورط سلطة مجلس القمح في رشوة للحصول على حصصها من السوق العراق، ما مثل إحراجا للحكومة.
وبحسب "لي" ايضا فان، هناك حاجة لادخال اصلاحات في عملية صنع القرار، بما في ذلك التصويت البرلماني الملزم، لان ذلك يمكن ان يعزز الشفافية، وذلك بالاضافة الى المناقشات البرلمانية قبل القيام بالتدخلات العسكرية.
واعتبر "لي" انه "لا تزال هناك حاجة لإجراء تحقيق"، في اشارة الى الدعوات لتشكيل لجنة ملكية مماثلة لتحقيق تشيلكوت في بريطانيا، يتعلق بقرار انخراط القوات البريطانية في الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، مضيفا أن "اليات الشفافية والمساءلة التي نضعها الآن، بإمكانها ان تحول دون وقوع مشكلات مشابهة في المستقبل".
نشر موقع " SciTechDaily " الامريكي المتخصص بالاخبار العلمية صورة التقطها رائد فضاء وتظهر بحيرة الرزازة العراقية باللونين الأحمر والأخضر، والذي يكشف غناها بالطحالب ومستويات ملوحتها.
وأوضح تقرير للموقع الأمريكي، أن "المسطحات المائية الحمراء والخضراء الظاهرة في هذه الصورة المذهلة تم تصوريها من قبل رائد فضاء على متن محطة الفضاء الدولية في 23 ايلول/سبتمبر 2024.
واشار التقرير الى أن "هذه المسطحات المائية هي من بقايا بحيرة الرزازة، التي وصفها بأنها بحيرة صناعية تقع في وسط العراق، وتعرف ايضاً باسم بحر الملح، ويتم تغذيتها عادة من فيضان بحيرة الحبانية.
ووصف التقرير، الصورة بانها بمثابة لوحة طحالب تمثل الفن الطبيعي، حيث تعود هذه الالوان النابضة بالحياة في البحيرة إلى مكونات الطحالب المزدهرة في ظل ظروف متفاوتة من درجات حرارة الماء والملوحة.
وبحسب التقرير، فإن المساحة الخضراء تظهر محدودية تركيزات الملح، بينما تشير المناطق الحمراء إلى مستويات ملوحة أعلى، لافتاً الى انه عندما لا يكون هناك فيضان من بحيرة الحبانية، يصبح معظم قاع بحيرة الرزازة مكشوفا.
وتابع التقرير ان البحيرة تحيط بها انماط زراعية مختلفة، ابرزها الحقول المزروعة بكثافة في شرق كربلاء، موضحا ان الحقول الدائرية الصغيرة، تمثل نتاج الري المحوري المركزي، تظهر غرب المدينة، مشيرا الى ان المياه مصدرها من نهر الفرات القريب عبر شبكة من القنوات.
وأوضح التقرير، أن الصورة الفضائية تحمل الرمز ISS072-E-244 والتقطت في 23 أيلول/سبتمبر 2024، من خلال الكاميرا الرقمية Nikon Z9 المقدمة من مركز المراقبة الأرضي لطاقم محطة الفضاء الدولية ووحدة علوم الارض والاستشعار عن بعد في "مركز جونسون الفضائي".
ولفت تقرير "SciTechDaily" الأمريكي، إلى أن الصورة التقطها أحد أفراد بعثة 72 الفضائية، مضيفا انه جرى قص الصورة وتحسينها تقنيا.
وختم بالاشارة الى ان برنامج محطة الفضاء الدولية يساعد رواد الفضاء على التقاط صور للأرض التي يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة للعلماء والجمهور، ولإتاحة هذه الصور مجاناً على الانترنت.
كشف تقرير أماراتي، عن ان "داعش" الإرهابي كان يهدف إلى ضرب مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، بطيران مسير لـ"إشعال حرب أهلية جديدة في العراق"، بالتزامن مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.
ونقلت صحيفة "العين الإخبارية" الإمارتية، معلومات عن مصادر عسكرية قالت إنهم داخل مكتب رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، قولهم ان القوات الأمنية والاستخباراتية تمكنت من إحباط مخطط لتنظيم "داعش" يهدف إلى إشعال حرب أهلية في البلاد، بالتزامن مع سقوط نظام الأسد في سوريا.
وبحسب المصادر العسكرية رفيعة المستوى ـ وفق الصحيفة ـ فإن "السوداني تلقى معلومات استخباراتية مهمة تفيد بوجود مخطط لتفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء بمحافظة صلاح الدين باستخدام طائرتين مسيرتين كانتا تنطلقان من منطقة العامرية غرب العاصمة بغداد".
وأضافت المصادر أن "قوة أمنية من جهاز مكافحة الإرهاب والأمن الوطني والاستخبارات داهمت الموقع المحدد في منطقة العامرية غرب بغداد، حيث عثرت على الطائرتين المسيرتين وقامت باعتقال شاب كان يعتزم إطلاقهما"، موضحة أن "الشاب المعتقل، وهو طالب جامعي في المرحلة الرابعة بإحدى الجامعات الأهلية في العراق، اعترف بعزمه تنفيذ هذا المخطط بعد تلقيه تعليمات مباشرة من تنظيم داعش الإرهابي".
وأشارت إلى أن "والد الشاب قُتل خلال الحرب العراقية ضد التنظيم في عام 2014، حيث كان يشغل منصبًا مهمًا في قيادة التنظيم داخل بغداد"، كاشفة أن "المعتقل أكد وجود مخطط متكامل لتنظيم داعش يهدف إلى تفجير المرقدين العسكريين لإشعال فتنة طائفية في العراق، وإجبار القوات العراقية التي توجهت إلى الحدود السورية على الانسحاب إلى داخل المدن. هذه الخطة جرى إعدادها بالتزامن مع انهيار الجيش السوري".
ووفقًا للمصادر العسكرية – بحسب الصحيفة - فإن "المخطط كان يسعى لجعل الحدود العراقية السورية مفتوحة لتسهيل دخول الجماعات المتطرفة التابعة لتنظيم داعش، والسيطرة على مناطق واسعة مع انشغال القوات الأمنية العراقية بالوضع الداخلي في حال تم تنفيذ الهجوم على المرقدين العسكريين".
وختمت المصادر قولها بأن "هذه العملية كانت كبيرة، والشاب المعتقل الآن في قبضة السلطات القضائية بانتظار محاكمته"، مشيرة إلى أن "الأوضاع السائدة في البلاد منعت الكشف عن هذه العملية الأمنية الاستخباراتية في وقت سابق"، وفق ما نقلت الصحيفة.
كشف تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، عن نقل القوات الروسية العشرات من ضباط الصف الأول في الجيش السوري إلى إحدى قواعدها في شمال إفريقيا، من دون معرفة الوجهة النهائية لهم.
وقال المرصد في تقريره الذي نشره على موقعه الرسمي، إن "عملية النقل جرت عبر دفعتين على الأقل، الأولى كانت في 8 ديسمبر يوم فرار بشار الأسد، وكانت على متن طائرة مدنية ضمت العشرات من كبار ضباط الاستخبارات وقيادات الجيش وشخصيات متحكمة بمفاصل الدولة، ومن ضمنهم شخصيات معاقبة أميركيا وأوروبيا".
وأضاف المرصد، أن "الدفعة الثانية غادرت في 13 ديسمبر، إذ نقل كبار الضباط على متن طائرة شحن عسكرية روسية".
ووفقا لمصادر المرصد، فإن "طائرات الشحن الروسية في حميميم والباخرات في مرفأ طرطوس، حيث تقع قاعدتان روسيتان، نقلت عبر دفعات رعاياها والضباط والأفراد في القوات الروسية على دفعات، حتى قبل فرار الأسد".
وتشن السلطات الجديدة في سوريا حملة ضد ما تسميه "فلول النظام السابق"، واعتقلت في أقل من أسبوع قرابة 300 شخص من العسكريين في الجيش ومسلحين موالين له ومخبرين للأجهزة الأمنية.
وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) "إلقاء القبض على عدد من فلول ميليشيات الأسد وعدد من المشتبه بهم" في منطقة اللاذقية، السبت، وعمليات توقيف مماثلة في حماة الخميس.
كما تحدثت الوكالة عن "مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر".
وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن "فرانس برس"، عن "اعتقال نحو 300 شخص خلال أقل من أسبوع من دير الزور ودمشق وريفها وفي حمص وحماة واللاذقية وطرطوس".
وأوضح أن من المعتقلين "عناصر مخبرين للأجهزة الأمنية وعناصر مسلحة موالية للنظام وإيران وعسكريين وضباط من رتب صغيرة ممن ثبت أنهم قاموا بعمليات قتل وتعذيب".
وأشار إلى أن هناك "أشخاصا، بعضهم تبين أنه متورط في إرسال تقارير للنظام السابق، اعتقلوا وقتلوا مباشرة"، معتبرا أن "هذا أمر مرفوض تماما".
وأوضح عبد الرحمن: "الحملة لا تزال مستمرة، لكن لم تعتقل حتى الآن شخصيات بارزة"، باستثناء رئيس القضاء العسكري السابق محمد كنجو الحسن، المسؤول عن الإعدامات الميدانية في سجن صيدنايا.
وأفاد مدير المرصد أن التوقيفات تتم "وسط تعاون من الأهالي"، موضحا أن الحملة تضمنت أيضا "نزع السلاح المنتشر بين المدنيين".
عوامل سياسية وإقليمية وأمنية، ليست هذه المحاور فقط التي ستتأثر بسقوط نظام الأسد في سوريا على ما يبدو، ولن يقتصر التأثير السلبي على حلفاء الأسد في المنطقة فحسب، بل أن فئات أخرى ربما بعيدة تمامًا عن المشهد الجيوسياسي الإقليمي، ستتأثر بشكل أكبر ولن تستطيع تعويض خسارتها أبدًا.
سوريا "دولة الكبتاغون".. ابطال المخدرات في "مأتم كبير" بعد سقوط الاسد
"متعاطو وتجار المخدرات" وتحديدا أبطال الكبتاغون في العالم وخصوصا في دول الخليج والعراق، هذه المنطقة التي تعد الأكثر استهلاكا للكبتاغون في العالم، سيكونون أكبر الخاسرين على الاطلاق، فسوريا التي وصفت بـ"دولة المخدرات" او تاجر مخدرات الشرق الأوسط، حازت هذا اللقب بمباركة الأسد الذي بدأ ومن خلال حلقته المقربة ولاسيما شقيقه ماهر الأسد والفئات الأخرى الداعمة له، بتصنيع وتجارة المخدرات التي كانت الممول الأكبر لسوريا ولادامة النظام والمعارك.
في الفواكه والاجهزة الكهربائية.. سقوط الاسد يكشف اسرار الكبتاغون
مع سقوط نظام الأسد، بدأت العناصر المسلحة المسيطرة على النظام في سوريا بالعثور على المصانع التي كانت تنتج الكبتاغون في سوريا، وطافت الى السطح جميع تقنيات التصنيع واماكنها واليات تغليفها، حيث اكتشف عناصر هيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الأخرى، الاف الحبوب المعبأة في صناديق فواكه او أجهزة كهربائية معدة للتصدير الى دول الجوار.
مسؤول عن 80% من انتاج العالم.. سقوط الاسد "ضربة قاضية" لسوق الكبتاغون
يعد سقوط نظام الأسد ضربة كبيرة لسوق الكبتاغون في المنطقة، حتى أنه لا يمكن تعويض خسارته بالنسبة للمتاجرين والمستهلكين، وذلك لأن 80% من الكبتاغون في العالم، كان ينتج في سوريا، والسبب في ذلك، أن سوريا هي الدولة الوحيدة التي تسخر مقومات الدولة لانتاج وتسويق هذه المخدرات، اما صناعة الكبتاغون في أي رقعة أخرى بالعالم ستكون "محاصرة" وملاحقة ولن تكون بالتأكيد منتجة كسوريا التي تسخر مقومات دولة كاملة لهذه الصناعة.
من اصل 10 مليارات عالميا.. الكبتاغون يمول نظام الاسد بـ 5 الى 7 مليار دولار سنويا
هذا النوع من المخدرات والذي يعد رائجا بشكل اكبر في منطقة الشرق الأوسط تحديدًا ودول الخليج بشكل اكبر، كان يدر بين 5 الى 7 مليارات دولار الى نظام الأسد وشركائه فيما تبلغ قيمة التجارة العالمية الاجمالية 10 مليار دولار فقط.
الاسد "يرفع ادمان المنطقة" خلال 13 عاما.. ويغزو حدود العراق الغربية بالمخدرات
حجم الإنتاج الكبير وسهولة التسويق في المنطقة، جعلت نظام الأسد مسؤولا عن زيادة الإدمان بمخدرات الكبتاغون، خصوصا في منطقة الخليج والعراق، حيث يعالج الكبتاغون شعور الاضطراب ويزيد التنبيه وهو ما يعرف في العراق محليا بـ"الصفر واحد"، وكانت الحدود الغربية للعراق قدوما من سوريا هي معقل دخول الكبتاغون، فيما تعتبر الحدود الشرقية وايران معقل تهريب الكرستال الى العراق.
في 2023 ضبط العراق 24 مليون حبة كبتاغون ما يعادل 2% من انتاج سوريا السنوي
وتقدر كمية الكبتاغون التي تنتجها سوريا سنويا قرابة 1.5 مليار حبة سنويًا، فيما ضبط العراق في عام 2023 وحده اكثر من 24 مليون حبة، ما يعني ضبط قرابة 2% من انتاج سوريا للكبتاغون.
دولة الكبتاغون.. هل يتسبب سقوط الاسد بازمة مخدرات في العراق والمنطقة؟
ومع اسقاط نظام الأسد، تطرح تساؤلات عما اذا كان هذا الامر سينعكس على "سوق المخدرات" في العراق والمنطقة خلال الأشهر القادمة، وما اذا سيتسبب بـ"أزمة مخدرات"، فبينما يتراوح سعر حبة الكبتاغون حسب التقارير بين 1 دولار للنوعية الرديئة، وقد يصل الى 25 دولارا للحبة في بعض الدول الخليجية، تطرح تساؤلات عما اذا سيؤدي اسقاط نظام الأسد وتوقف الإنتاج الى "ندرة المنتوج" بالتالي ارتفاع أسعاره، وكذلك تخفيف حدة الكميات المضبوطة في العراق والسيطرة على عدوى المخدرات في البلاد.
تناقلت تقارير تركية وأجنبية منذ أيام عن توجه أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، إلى طلب الانفصال عن الرئيس المخلوع ما قد يعطيها فرصة لإمكانية العودة إلى لندن.
وتقول التقارير إن "أسماء الأسد عبّرت عن استيائها من الحياة في العاصمة الروسية موسكو".
وكشفت صحيفة "HABERTURK"، أن "أسماء الأسد تريد السفر إلى إنكلترا، باعتبارها حاملة الجنسية البريطانية، وذلك بدعم من والدتها سحر العطري، التي بدأت مفاوضات مع مكتب محاماة مرموق في إنكلترا، مستندة إلى إصابة أسماء بسرطان الدم وأن حالتها الصحية لا يمكن مراقبتها بشكل كاف في موسكو".
وقالت الصحيفة إن "أسماء الأسد رفعت طلب طلاق إلى محكمة روسية للطلاق، إلى جانب طلب إذن خاص لمغادرة موسكو".
وتابعت الصحيفة: "سيتضح خلال الفترة المقبلة إذا كانت أسماء الأسد تريد العودة إلى ذكريات لندن أم البقاء في موسكو والبقاء عالقة".
وتضيف التقارير أن "أسماء الأسد، التي كانت ذات يوم السيدة الأولى لسوريا، تبحث عن اتجاه جديد بعد الشعور بالوحدة وعدم اليقين في حياتها الجديدة في موسكو".
ومع سقوط بشار الأسد في 8 كانون الأول، أصبح المستقبل الشخصي والقانوني لأسماء موضع نقاش.
وجاء في خبر "تورك" الخاص، والذي حظي بتغطية واسعة في وسائل الإعلام العالمية، أن أسماء تريد العودة إلى لندن وبدء حياة جديدة مع عائلتها.
ومع ذلك، يتم التأكيد على أن هذا القرار يجب أن يتشكل وفقًا للظروف والإجراءات القانونية الحالية في موسكو.
وبحسب الأخبار، فإن نية أسماء الأسد البقاء مع عائلتها المقيمة في إنجلترا، تدعمها والدتها سحر العطري، التي بدأت مفاوضات مع مكاتب محاماة رائدة في إنجلترا.
وتبحث والدتها مع المحامين وضع ابنتها أسماء والتي تم تشخيص إصابتها بسرطان الدم (سرطان الدم النخاعي الحاد) وأن حالتها الصحية لا يمكن مراقبتها بشكل كاف في موسكو ما يجعل قرار عودتها إلى لندن أكثر إلحاحا.
وتلفت التقارير أن أسماء الأسد على وشك الطلاق، وقد ذكرت التقارير أن مكتب المحاماة أوضح لوالدتها أن عودة أسماء إلى لندن لا يمكن أن تستند فقط إلى أسباب صحية وأن الطلاق شرط أساسي.
ولا يقتصر البعد القانوني على الطلاق. فملف السيدة الأولى السابقة يواجه الكثير من العراقيل ومنها ما برز إلى الواجهة من اتهامات الفساد والاختلاس والإثراء غير القانوني ضد أسماء الأسد والتي يجب أن يتم حلها من خلال التسويات المالية في المملكة المتحدة.
وإعلان مثل هذه الاتهامات، التي صدرت قبل انهيار النظام في سوريا، موجودة أيضًا على أجندة الرأي العام الدولي.
إلا أن التقارير تلفت أن شبكات السلطة السابقة لأسماء الأسد والتراكم المالي هناك قد يشكل عاملا آخر، فقوتها المالية تعزز احتمال عودتها إلى لندن.
وقد جمعت أسماء ثروة كبيرة في السنوات الأخيرة، وقد سيطرت على جزء كبير من أصول رامي مخلوف، ابن خال زوجها بشار الأسد.
ولعبت خلفية أسماء المصرفية وفطنتها المالية دورًا أساسيًا في تنمية ثروتها الشخصية والعائلية. وتثبت مسيرتها المهنية في المؤسسات المالية الدولية مثل "دويتشه بنك"، و"جي بي مورغان" مهاراتها في هذا المجال.
وتقول التقارير إن الفضول يتجه إلى أي نوع من الاستراتيجيات التي ستعتمدها أسماء المتهمة بـ "الإثراء غير المشروع" من قبل وزارة الخارجية الأميركية، في المستقبل في ظل هذه الاتهامات. ومع ذلك، يرى الخبراء بحسب التقارير أنها تستطيع بناء حياة جديدة داخل النظام القانوني في إنجلترا.
بعد أسابيع قليلة على سقوط نظام بشار الأسد، طرح "معهد السلام الأمريكي"، جملة من التأثيرات المحتملة لما قد يجري في سوريا، على العراق والعراقيين.
وفي تقرير للمعهد حذر من أن الكورد ومكونات الأقليات، قد تكون الأكثر تضررا في حال قيام نظام حكم شمولي وهيمنة طائفية على السلطة هناك، لكنه قال إن ظهور عملية ديمقراطية بين السوريين، سيؤدي إلى تجديد الطاقة الديمقراطية في العراق المجاور.
وأشار التقرير إلى أن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، وما سيحدث بعد ذلك في سوريا، ستكون له "آثار كبيرة امنية وسياسية وغيرها على العراق"، مضيفا ان الوضع ديناميكي وربما يتطور لصالح استقرار العراق، او انه قد يفرض تحديات جديدة عليه، لكنه اشار ايضا الى ان العراق هو واحد من مجموعة من الأطراف الفاعلة الى جانب ايران وتركيا ودول الخليج والولايات المتحدة، والتي قد تكون لأفعالها التأثير الكبير على المسار السوري خلال الشهور المقبلة.
وأوضح أن التشابك العميق للتاريخ الحديث للعراق وسوريا، مر بمراحل انعطافات مضطربة، مشيرا الى ان حزب البعث بدأ في سوريا، ومنه نشأت النسخة العراقية، وكلاهما خلق انظمة استبدادية ودكتاتوريات مختلفة وكارثية، في اشارة الى عائلة الاسد في سوريا وصدام حسين في العراق، ما جلب الخراب لكلا البلدين. وتابع التقرير إلى تحالف والد الاسد، حافظ، مع إيران خلال حربها مع العراق.
الابتعاد عن سوريا
قال التقرير الامريكي إنه في ظل تقدم الجماعات المتمردة السورية خلال الاسابيع الاخيرة، فان بعض القادة والجماعات العراقية طالبوا بانخراط عسكري عراقي حكومي وغير حكومي، في سوريا، وذلك بشكل اساسي من اجل الدفاع عن المصالح الشيعية ومحاربة التنظيمات الارهابية، مضيفا ان ذلك كان من شأنه ان يهدد بجر العراق الى حرب في وقت لم تتحرك روسيا وايران، وهما الدولتان الراعيتان لمصالح اكثر عمقا مع الاسد، من اجل انقاذه.
واوضح التقرير، بينما كانت موسكو وطهران تتجنبان بشكل واضح التورط عسكريا بشكل اكبر في سوريا، فان بغداد بدت مستعدة للانجراف الى الصراع، وهو ما اثار تساؤلات حول الدوافع السياسية للجهات الفاعلة العراقية وما اذا كانت قد تقع في خطأ الحسابات مجددا مع تطور الوضع في سوريا، خصوصا اذا في حال انفجر العنف الطائفي.
الا ان التقرير قال إن العراق برهن في نهاية الامر على قدرته على التصرف وتجنب التورط في الصراع السوري، مشيرا الى انه من بين العوامل الاخرى التي ساهمت في بقاء العراق بعيدا عن سوريا، هو انه اتبع النصائح الخارجية، وربما ايضا بسبب طبيعة سقوط الاسد بشكل سريع.
وذكر ان العراق انخرط في حوار اقليمي يركز على بلورة موقف عربي موحد تجاه تطور الاحداث في سوريا، مضيفا ان المساهمة في بناء سوريا جديدة بامكانها ان توفر للعراق الفرصة للمضي قدما في مساره كلاعب اقليمي بناء وليس كطرف في الصراع.
مخاطر الصراع
ولفت التقرير الى ان العراقيين كانوا يخشون في ظل الصراع الذي تلا 7 اكتوبر/تشرين الاول 2023، تحول بلدهم الى ساحة معركة جديدة بعد غزة ولبنان وسوريا، مشيرا الى ان جماعات عراقية مدعومة من ايران، تشكل جزءا من "محور المقاومة"، شنت هجمات اسرائيل بطائرات مسيرة، بينما هددت اسرائيل بالرد.
واعتبر ان "استقرار سوريا وكبح جماح الجماعات المتطرفة العنيفة سيكون مفيدا لاستقرار العراق، الا ان خطر استغلال الجماعات المتطرفة السورية للفراغات في الحكم، والصعوبات الاقتصادية، والتنافس الطائفي والعنف قد تثير مخاطر جسيمة على العراق، الذي يشترك مع سوريا في حدود يبلغ طولها 600 كيلومتر".
ولفت التقرير الى ان العراق، وحتى قبل سقوط الاسد، كان يشعر بالقلق إزاء التهديدات المتطرفة من جانب تنظيم داعش وغيره من الجماعات"، خصوصا في ظل التقارير التي تحدثت عن عودة ظهور داعش في سوريا والاوضاع الهشة في الاراضي الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تدير مخيم الهول، حيث لا يزال هناك اكثر من 17 الف عراقي، والسجون التي تحتجز الآلاف من مقاتلي داعش، بما في ذلك بضعة الاف من العراقيين.
ديمقراطية ام طائفية؟
واعتبر التقرير ان "دمقرطة سوريا" قد يخلق تاثيرا مريحا على الديمقراطية في العراق، والتي شهدت تراجعا على المستوى المؤسساتي خلال العقد الماضي.
واوضح التقرير انه بعد المعاناة التي واجهها العراقيون تحت حكم الدكتاتور صدام حسين وحزب البعث، فانهم رحبوا بنهاية دكتاتورية الاسد الوحشية، حيث انه بالنسبة اليهم اعادت صور السوريين وهم يتدفقون الى الشوارع، وتدمير تماثيل عائلة الاسد، واطلاق سراح السجناء، وجمع شمل العائلات مع احبائهم، اليهم ذكريات من العام 2003، عندما عاش العراقيون تجارب مشابهة مع سقوط صدام.
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير ان العملية السياسية الشاملة في سوريا قد تثير الامال والطاقة الايجابية خصوصا في حال نجح العراق في الانخراط بشكل ايجابي في سوريا.
لكن في المقابل، قال التقرير انه في حال سيطرة الطائفية في سوريا، وخصوصا اذا دعمتها البلدان الاقليمية السنية، فان ذلك قد يؤدي الى إيقاظ مشاعر مشابهة في العراق، مضيفا ان مشاعر القلق والحذر التي قد يثيرها ذلك لدى شيعة العراق، قد يؤدي الى تفاقم الضغوط على الطائفة السنية في العراق والذين قد يستمدون القوة من اخوانهم السنة في سوريا.
وحذر التقرير من ان العراقيين يشاهدون تصادم 3 قوى اقليمية متوسعة: ايران واسرائيل وتركيا حيث يبدو ان القوتين الاخيرتين تتقدمان في نفوذهما، في حين اضطرت ايران الى التراجع.
وتابع قائلا ان السنة والشيعة في العراق يشعرون بانهم يمتلكون حلفاء اقليميين اقوياء، في حين يشعر الكورد والمسيحيون والايزيديون وغيرهم من الاقليات، بانهم الحلقة الاضعف في النظام الاقليمي الذي تقوم قوى اقليمية وخارجية بتحديد شروطه، مضيفا ان الكورد يخسرون اراضيهم وسلطتهم الحاكمة في كل من العراق وسوريا، بينما اصبحت الاقليات الاخرى في خطر وجودي.
وبرغم ان التقرير رأى ان العراقيين سعداء بشكل عام بخسارة ايران لحليفها الاسد وممرها البري في سوريا، ما قد يخفف الضغوط عليهم، الا ان العراقيين يخشون ايضا من محاولة ايران تعزيز قبضتها على العراق لمنع المزيد من التراجع وتعويض ما خسرته حتى الان.وتابع ان تاثير الدمار الذي تسبب به تنظيم داعش في العراق، وخصوصا في المناطق السنية لا يزال حاضرا، ولهذا فان الشهية للعنف محدودة.
واضاف ان ايران، وباعتبارها الطرف الاقليمي الاكثر نفوذا في العراق، فان امامها ايضا خيارات، بحيث انها اما ان تمارس المزيد من السيطرة في العراق وتعيد البلد الى الوراء كنتيجة لذلك، او ان بامكانها ان تخفف من قبضتها وتظهر موقفا بناء تجاه النظام الاقليمي المتغير، او انها ستظل على مسارها الحالي المتمثل في النفوذ العالي الذي تسوده درجة من الهدوء السياسي، وتستفيد ايران بذلك على الصعد الاقتصادية والسياسية، ويتم تجنيب العراقيين العنف.
دور الولايات المتحدة
وذكر التقرير ان الديناميكيات بين ايران والادارة الاميركية الجديدة، سوف يكون لها تأثير على العراق، مشيرا الى ان الولايات المتحدة والعراق اتفقتا على انهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي لهزيمة داعش في العراق بحلول سبتمبر/ايلول 2025 والتفاوض على شراكة امنية تنسجم مع اتفاقية الاطار الاستراتيجي للعام 2008 ومع الدستور العراقي.
وتابع التقرير ان العراقيين ارادوا في العام 2014، دعم الولايات المتحدة لهم ضد داعش، وهو يريدون الان من الولايات المتحدة ان تمنع وقوع هجوم اسرائيلي على العراق.
وختم بالقول ان الكورد وغيرهم من الجماعات العرقية والاقليات الدينية ومنظمات المجتمع المدني في العراق وسوريا، يراقبون التطورات بشكل وثيق، وهم يأملون في انخراط استباقي من جانب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في هذين البلدين للمساعدة في التحرك نحو قيام حكم يشمل الجميع والاستقرار، لان البديل بالنسبة اليهم "قد يكون قاتما".
حدد موقع "بريكينغ ديفينس" الأمريكي المتخصص بالشؤون العسكرية، النقاط الساخنة الأساسية التي يمكن أن تؤثر على توازن القوى في المنطقة لسنوات مقبلة، من بينها وضع العراق والنفوذ الإيراني فيه، ومصير القواعد العسكرية الروسية، وخط الإمداد الرئيسي للأسلحة الإيرانية إلى حزب الله في لبنان.
ونقل التقرير الأمريكي، عن الباحث في أكاديمية "ربدان" للأمن والدفاع كريستيان ألكسندر، والذي يتخذ من الإمارات مقراً له، قوله إن إيران بعدما فقدت حليفها في سوريا، فإنها قد تركز المزيد من اهتمامها على العراق.
وبحسب ألكسندر فأنه "مع سقوط دمشق، فمن المرجح أن تعزز إيران موقعها في العراق، وتحتفظ بقاعدة عمليات وتمارس نفوذاً غير مباشر على سوريا من خلال الحدود المشتركة والميليشيات العابرة للحدود"، مشيراً إلى أنه يرجح أن تكثف هذه الجماعات أنشطتها على طول الحدود العراقية السورية من أجل ضمان استمرارية خطوط الإمداد والحفاظ على الاتصال ببقايا الفصائل الموالية لإيران في سوريا.
إلا أن الباحث في معهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي علي باكير، وهو أيضاً أستاذ في جامعة قطر، يعتبر أن سقوط سوريا يمكن، على العكس من ذلك، أن يدفع الميليشيات العراقية إلى التقارب مع الحكومة العراقية.
ونقل التقرير عن باكير قوله إن انهيار الأسد سيحول الأنظار إلى الميليشيات العراقية حيث "سيتعرضون بشكل متزايد لضغوط داخلية وإقليمية ودولية للانضمام إلى المؤسسات والهيئات الرسمية العراقية بدلاً من خدمة الأجندة الإيرانية في العراق وسوريا المجاورة".
واعتبر التقرير أن هناك عدداً لا يحصى من الأسئلة التي يتحتم الإجابة عليها، من بينها الأسئلة الأكثر إلحاحاً التي تشغل بال المسؤولين الأمريكيين والشرق أوسطيين وهي ما إذا كان التطرف سوف يترسخ في ظل فراغ السلطة الناشئ.
وبحسب باكير فإن "سقوط نظام الأسد سيكون له تداعيات وخيمة على النفوذ الإقليمي" لكل من روسيا وإيران، مضيفاً أن "السؤال الملح بالنسبة للمواطنين العاديين في طهران وموسكو هو: ما الذي كسبناه من دعم هذا النظام منذ ما يقرب من 14 عاماً؟ فكيف يمكن لقيادتنا أن تفسر الاستثمار السياسي والمالي والعسكري الضخم في هذا النظام؟".
وذكرّ التقرير بأنه قبل انتصار المعارضة السورية، كانت موسكو قد بسطت قوتها جزئياً في سوريا وخارجها من خلال قاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية وقاعدة طرطوس البحرية على البحر الأبيض المتوسط، لكن الآن مع فرار الأسد، فإن مصير القاعدتين يبدو مجهولاً.
ولفت إلى تصريح للمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا مؤخراً قالت فيه إن "أولويتنا الكبرى هي سلامة جميع المواطنين الروس داخل الأراضي السورية وحماية المنشآت والبعثات الروسية، بما في ذلك المنشآت الدبلوماسية والعسكرية، وتلك المرتبطة بالشركات والمنظمات الروسية".
وبعدما أشار التقرير إلى وجود صور استطلاع استخباراتية تظهر أن السفن العسكرية الروسية غادرت قاعدة طرطوس، ورصد عدد قليل فقط من الطائرات في قاعدة حميميم الجوية، ذكرّ التقرير بتصريح للمتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ، قالت فيه "يبقى أن نرى ما هو الطريق إلى الأمام في سوريا، وهذا أمر متروك للشعب السوري أن يقرره".
ونقل التقرير عن باكير قوله إنه من المنطقي أن تقوم روسيا بسحب سفنها حيث قد يكون هناك "تهديد وشيك لقواتها أو أصولها العسكرية"، إلا أن السؤال المفتوح يتعلق بما إذا كانت السفن الروسية ستعود.
وبحسب باكير فإن "القواعد العسكرية المعنية هي ملك للسوريين، لكن مسألة ما إذا كانت موسكو ستستخدمها في المستقبل، هو يعتمد على الوضع الداخلي في سوريا وعلى اتفاقات مع السلطة أو الحالية أو المستقبلية"، إلا أنه رجح أيضاً ألا تسمح السلطة المسيطرة في سوريا الآن لروسيا بتمركز قواتها أو أصولها العسكرية داخل البلد، والمسألة تتعلق على المدى المتوسط والبعيد بالمتغيرات التي لا يمكن تحديدها بشكل كامل الآن.
أما بحسب كريستيان ألكسندر، فباعتقاده أن هناك ثلاثة خيارات أساسية فيما يتعلق بالوجود الروسي، أولاً أن تتفاوض روسيا مع الحكومة السورية الجديدة لمواصلة استخدام القواعد، وثانياً أن يرفض المسلحون الوجود الروسي بشكل كامل بسبب دعمهم السابق للأسد، وثالثاً أن موسكو ستعتبر أن الوضع "متقلب" بدرجة كبيرة بحيث لا يمكن المخاطرة بالحفاظ على وجود عسكري على أي حال، ولا تحاول العودة.
ونقل التقرير عن ألكسندر قوله إن روسيا يمكنها أن تتخلى عن هذه القواعد تماماً، وهو ما من شأنه أن "يمثل تحولاً جيوسياسياً كبيراً، وربما تنازلاً عن نفوذها لصالح القوى الغربية أو الإقليمية مثل تركيا".
إلى ذلك، ذكر التقرير أن سقوط الأسد قد يكون مقلقاً بالنسبة لحليفته الوثيقة إيران لعدد من الأسباب، من بينها أن سوريا، إلى جانب العراق، كانت بمثابة طريق بري يمكن لطهران من خلاله إمداد وتسليح حزب الله اللبناني، إلا أنه نقل عن الجنرال اللبناني المتقاعد وهبة قطيشة قوله إنه مع سقوط الأسد وسيطرة المسلحين على جزء كبير من هذا الطريق، بما في ذلك البوكمال، فقد جرى بذلك "قطع خطوط الإمداد من إيران إلى حزب الله في لبنان".
ونقل التقرير عن باكير قوله إنها "مسألة وقت فقط قبل أن يتضاءل نفوذ حزب الله، حتى داخلياً في لبنان"، مضيفاً أن طهران قد تصبح مجبرة على التكيف مع الواقع الجديد وتصبح أكثر واقعية، أو أنها قد تسعى إلى محاولة التخريب إذا استطاعت، أو قد تختار شراء الوقت، وإعادة بناء موقعها الإقليمي، والمناورة حتى انتهاء ولاية ترامب، وعندها يمكن أن يعودوا بإستراتيجية إقليمية جديدة.
وختم التقرير بالقول إن الإجابة على هذه الأسئلة ستظل قيد الانتظار وقد لا تعرف قبل أسابيع أو أشهر، إلا أن المسألة الوحيدة المؤكدة هي أن ديناميكية القوة في الشرق الأوسط قد تبدلت بالفعل لسنوات أو عقود مقبلة.
في خضم الاحداث المتطورة في شمال سوريا والتي وصلت خلال 10 أيام الى وسط سوريا سريعًا، لم يكن من المتوقع ان يكون التطور سريعًا أيضا على الحدود العراقية، خصوصًا وانها منطقة شديدة الثمن والاهمية لدى الجانب الإيراني ومحور المقاومة عمومًا.
نهر الفرات الذي كان الحد الفاصل بين القوات الكوردية "قسد" المدعومة من أمريكا، وبين النفوذ للفصائل العراقية والجيش السوري والتواجد الإيراني، زال بشكل سريع ومفاجئ، فالجيش السوري انسحب من البو كمال لتسيطر عليها قوات قسد، في تمدد قد يؤدي لتقليص مساحة الحرية لخط النفاذ والامداد لمحور المقاومة من ايران الى العراق وسوريا.
بين مدخل نهر الفرات قرب منفذ البوكمال/القائم، ووصولا الى المثلث الحدودي بين العراق وسوريا والأردن، كانت تتمتع الفصائل العراقية بحرية الحركة، والان اصبح المنفذ خارج سيطرة الجيش السوري وبالتالي خارج سيطرة محور المقاومة والفصائل.
لكن وزير الخارجية الإيراني قال ان "اغلاق منفذ البو كمال لا يمكن ان يقطع طريق محور المقاومة"، وهو تصريح بالرغم من انه بديهي لكنه شديد الأهمية.. فلماذا هو بديهي؟ وماذا يمتلك محور المقاومة غير هذا الطريق؟
بداية فيما يخص المعابر النظامية، توجد 3 معابر نظامية بين العراق وسوريا، الأول هو معبر سيمالكا وهذا يقع في الشمال وتقابله منطقة سيطرة ونفوذ قوات قسد أساسا، اما المعبر الاخر هو معبر القائم/البوكمال، والى الجنوب حيث الحدود العراقية السورية الأردنية، يأتي معبر الوليد، وكلا المعبرين الوليد والقائم البوكمال يقع على الجانب الاخر منهما سيطرة الجيش السوري والفصائل.
لكن بغض النظر عن المعابر الرسمية، توجد 3 معابر غير رسمية وغير نظامية أيضا يتم استخدامها لتنقل الفصائل ونقل الأسلحة والامدادات وحتى البضائع، وهي معبر السسك ومعبر الجغايفة والمعبر النهري، وهذه جميعها بدائل عند النظر الى حجمها وحجم انتشارها على الخارطة يتم استبعاد إمكانية تأثر خط امداد المحور بتسليم البوكمال بيد قسد.
لكن في نظرة على خارطة انتشار المسلحين فان التقدم نحو تدمر وحمص ستعرقل الطريق وتضيق على ريف دمشق الشرقي وبالتالي طريق المحور باتجاه دمشق، بالمقابل فان المحور يمتلك فضلا عن المعابر غير النظامية، يمتلك انفاقا تحت الأرض تبدأ من الأراضي العراقية وتخرج وسط مدينة الميادين في سوريا.
لكن وسط كل هذا، من الضروري التطرق الى العمليات العسكرية التي تجري في دير الزور والبوكمال، فهذه المناطق تحتوي العديد من المقرات التابعة للفصائل ومخازن للأسلحة والدعم اللوجستي بل ومن بينها قاعدة الامام علي العسكرية التي تم افتتاحها عام 2019 شرق البو كمال.
وتنتشر القواعد في أم الملك، وفي منطقة الرمانة والدغيمة فضلا عن تواجد في عكاشة ورأس الحرم والمشارية ومكر الديب، بالإضافة الى قاعدة الإمام علي العسكرية وهي أكبر قاعدة وأكثرها مركزية تابعة للمحور وفيها يتم تخزين الأسلحة، لكن من غير المعروف ماهو مصير هذه القاعدة وأين الفصائل العراقية بالضبط خصوصا وان المنطقة أصبحت خالية من نفوذ الجيش السوري بالكامل وأصبحت بيد قوات قسد الكردية المدعومة أمريكيا.
بل الأهم من ذلك، ان مناطق غرب دير الزور والبوكمال بدأت تخرج فيها عمليات مسلحة من المعارضة والمجاميع المسلحة، الامر الذي يطرح الأسئلة الملحة عن دور ومصير وتواجد الفصائل العراقية ومقار الدعم اللوجستي التابعة للمحور؟.
وكانت تقارير ومعلومات وردت خلال الـ24 ساعة الماضية، اشارت الى ان العديد من الفصائل العراقية انسحبت من هذه الأراضي في دير الزور والبوكمال متجهة نحو العراق، وهو امر يتقاطع مع التساؤلات الملحة حول مصير تواجد المحور في هذه المناطق المهمة.
هاجمت فصائل مسلحة، الأربعاء، مواقع لقوات الجيش السوري شمال غرب البلاد، وقطعت الفصائل الطريق الدولي الذي يصل العاصمة دمشق بحلب، كبرى مدن شمال سوريا، وقد تمكنت هذه الفصائل من السيطرة على عشرات البلدات والنقاط العسكرية في حلب وتواصل تقدمها في حماة.
وقالت مصادر سورية معارضة، إن "نحو 40 ألف مقاتل يشاركون في العملية القتالية ضد قوات الجيش السوري في ميادين المواجهة سواء في حلب أو في إدلب أو في محافظة حماة، بينما هناك نحو 80 ألف مقاتل احتياطي للفصائل، وكل هؤلاء المقاتلين تلقوا تدريبات عسكرية بمختلف أشكالها سواء في فنون القتال والمواجهة أيضا على كيفية التعامل مع الظروف واستخدام الأسلحة والتدريب على كيفية الانخراط في المعارك مع قوات الجيش السوري وحلفائه".
تشارك عدة فصائل سورية معارضة إلى جانب "هيئة تحرير الشام" المصنفة إرهابية، والتي تقود معركة "ردع العدوان"، التي تُعدّ أوسع هجوم للفصائل المسلحة منذ أكثر من خمس سنوات.
وتشكلت "هيئة تحرير الشام" في كانون الثاني 2017 إثر اندماج فصائل جهادية عدة، إذ كانت تُعرف بـ"جبهة النصرة" قبل انفصالها عن تنظيم القاعدة في سوريا في تموز 2016.
يتزعمها "أبو محمد الجولاني" وتسيطر على مساحات شاسعة في محافظة إدلب وأنحاء في حماة وحلب واللاذقية.
أما حركة "أحرار الشام" فقد نشأت إثر اندماج أربع فصائل إسلامية سورية وهي "كتائب أحرار الشام" و"حركة الفجر الإسلامية" و"جماعة الطليعة الإسلامية" و"كتائب الإيمان المقاتلة".
وتتمركز الحركة في إدلب وريفي حلب وحماة.
وتشكلت "الجبهة الوطنية للتحرير" من تحالف مسلح يضم 11 فصيلًا من "الجيش السوري الحر" عام 2018. وبحسب وكالة "الأناضول" التركية، يتمركز التحالف في محافظة إدلب الشمالية ويضم 30 ألف مقاتل.
ويعد "الجيش الوطني السوري" تحالفا لفصائل مدعومة من تركيا. وقد تشكل عام 2017. ويعمل التحالف بوصفه جيشًا لـ "الحكومة المؤقتة" التابعة للمعارضة السورية في تركيا.
ويطلق بالتنسيق مع أنقرة، عملية عسكرية ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في محافظة حلب، بالتوازي مع عملية "ردع العدوان" في غرب حلب وإدلب، ضد قوات "قسد" من المناطق الخاضعة لها في حيي الأشرفية والشيخ مقصود في القسم الشمالي من مدينة حلب وفي تل رفعت ومنبج بريف حلب الشمالي.
أما قوة "جيش العزة" فكانت تُعرف سابقًا بـ"تجمع العزة" ويقودها الرائد المنشق عن الجيش السوري جميل الصالح.
وتتبع الجماعة المسلحة لـ"الجيش الحر". زوّدتها واشنطن عام 2015 بصواريخ مضادة للدبابات لمحاربة "تنظيم داعش"، بحسب الأناضول.
والفصيل الأخير ضمن هذا التحالف الذي شارك في الهجوم على مواقع الجيش السوري، هو كتائب "نور الدين الزنكي" وهي جماعة إسلامية مسلحة تشكلت عام 2011 على يد الشيخ توفيق شهاب الدين.
وتحظى هذه الكتائب بدعم تركي، كما تلقت دعمًا من وكالة الاستخبارات الأميركية. وكانت إحدى الكتائب الخمس التي شكّلت "هيئة تحرير الشام"، بحسب "بي بي سي".
كما يوجد مقاتلون "مرتزقة" ضمن المجموعات المقاتلة المصنفة "إرهابية، إذ أتى الكثير منهم إلى سوريا خلال الحرب ومنهم من بقي هناك"، معظمهم من بلدان آسيا الوسطى، ويعتقد أنهم يقاتلون في صفوف هيئة تحرير الشام".
يعتبر الهجوم الحالي للفصائل المسلحة، أكبر عملية عسكرية وأكثرها تعقيداً في السنوات القليلة الماضية، ويمكن مقارنتها بالعملية التي قامت بها الفصائل المسلحة عام 2015 عندما استولت على إدلب"، كما يقول مراقبون.
وقال الناطق باسم "إدارة العمليات العسكرية لمعركة ردع العدوان" حسن عبد الغني، إن الهدف من العملية توجيه "ضربة استباقية للحشود العسكرية للقوات السورية والمليشيات الموالية لها، والتي تهدد المناطق المحررة"، بحسب تعبيره.
لكن مراقبين يشيرون إلى أهداف أخرى. إذ يمكن النظر إلى العلاقات الدبلوماسية بين سوريا وتركيا التي كانت تتحسن خلال الأشهر الأخيرة، قد يكون هناك نوع من اتفاق بين البلدين بأن تسمح تركيا للحكومة السورية باستعادة السيطرة على مناطق المعارضة المسلحة شمال سوريا".
ويقول هؤلاء إن "هيئة تحرير الشام قد استنتجت ذلك، وتريد استباق حصول الهجوم عليها عبر القيام بهجوم استباقي، خاصة أنه كان هناك الكثير من الإشارات التي تدل على أن القوات السورية كانت تحضر للقيام بذلك الهجوم، "إذ كانت الحكومة تحشد قواتها نحو المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، وكان هناك ارتفاع في وتيرة القصف والمسيرات الانتحارية في هذه المناطق".
وهناك سبب ثانٍ، يتمثل في أن القوى الكبرى الداعمة لدمشق في الحرب وهي كل من روسيا وإيران، منشغلة في مشاكل أخرى، هي الحرب الأوكرانية والوضع في لبنان، وحزب الله اللبناني غير قادر على مساندة الأسد في حربه الحالية كما فعل سابقاً، وفقاً للخبراء.
ويضيف: "يمكن أن تكون هيئة تحرير الشام قد شعرت بنوع من الضعف لدى القوات الحكومية ووجدت في ذلك فرصة لأن تضرب القوات السورية في وقت هي ليست على أولويات روسيا وإيران".
وعلى الرغم من التسريبات التي انتشرت على مدار الأسابيع الماضية حول نية الفصائل تنفيذ عملية عسكرية باتجاه مدينة حلب، بقي هذا السيناريو غير مرجح في ظل توافق الدول الضامنة لخفض التصعيد المشاركة في مسار أستانا على استمرار الهدوء الذي ساد منذ مطلع عام 2020 عندما عقدت أنقرة مع موسكو تفاهم سوتشي لوقف الأعمال القتالية.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر أمنية تركية تأكيدات بأن العملية التي شنتها "فصائل المعارضة السورية" محدودة وتقع ضمن حدود منطقة خفض التصعيد المتفق عليها بين روسيا وإيران وتركيا عام 2019، لكنها توسعت بسبب مغادرة القوات السورية لمواقعها، مع توضيح أن العمليات أتت ردًّا على الهجمات المستمرة من القوات السورية على منطقة خفض التصعيد.
ومن المفترض أن تركيا هي الضامن لضبط سلوك فصائل الشمال بموجب تفاهمات أستانا، مقابل التزام روسيا وإيران بإلزام دمشق بوقف العمليات العسكرية. ولكن تصريحات المسؤولين الأتراك لوكالة رويترز تقدم تفسيراً لعدم منع هذه العمليات وهو "استمرار هجمات القوات السورية على منطقة خفض التصعيد".
التصريحات التي أطلقها وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، قبل عدة أيام تشير بوضوح إلى عدم الرضا عن دور إيران المعرقل لعقد تفاهمات بين أنقرة ودمشق، إذ أكد أن هذا الأمر ليس ضمن أولويات إيران، وهي أيضاً ليست على جدول أعمال روسيا نظراً لاستمرار وقف إطلاق النار وعدم ظهور تهديد خطير في المنطقة.
ويبدو أن تقويض النفوذ الإيراني شمال غربي سوريا يصب في مصلحة تركيا، خاصة في ظل ما يوفره هذا النفوذ من دعم لعناصر حزب العمال الكردستاني التي تنشط شمال غربي حلب في المنطقة الممتدة من باشمرا وتل رفعت والشيخ عيسى ومرعناز، كما يقول الأتراك.
لكن أوساط دمشق تقول بأن تركيا تقف بكل قوتها خلف الهجوم الكبير للفصائل المسلحة، وهي ما كانت لتجرؤ على شن الهجوم لولا الضوء الأخضر التركي، وذلك لفرض مبدأ "التفاوض بالنار"، وذلك على خلفية رفض الرئيس السوري للدعوات المتكررة التي وجهها الرئيس التركي لتطبيع العلاقات، وهو ما مثل إهانة لأردوغان، الذي قرر استخدام ورقة الفصائل العسكرية وتغيير الخريطة الميدانية، لدفع دمشق إلى طاولة المفاوضات، وحجز مكان له في المرحلة القادمة بعد قدوم ترامب.
شهادة حيّة يرويها أحد الناجين
شكل قرار هيئة محلفين أميركية بدفع تعويضات لثلاثة عراقيين تعرضوا للتعذيب في سجن أبو غريب، بارقة أمل لبقية السجناء العراقيين الذين تعرضوا لسوء معاملة وتعذيب في السجن المذكور إبان الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وبعد أكثر من عقدين من تعرض سجناء أبو غريب للتعذيب، أمرت هيئة محلفين فدرالية بولاية فرجينيا الأميركية، شركة "كيسي بريميير تكنولوجي" المتعاقدة مع وزارة الدفاع الأميركية، بدفع مبلغ 42 مليون دولار لثلاثة عراقيين بعدما رفع ثلاثة مساجين سابقين دعوى قضائية ضد الشركة عام 2008.
قرار الهيئة شكل بارقة أمل للسجين السابق طالب محمد، بالحصول على تعويضات جراء تعرضه لمختلف أنواع التعذيب على يد القوات الأميركية أثناء احتجازه في سجن أبو غريب، وفق حديث أجراه السجين السابق مع وكالة الأناضول التركية.
قال محمد البالغ (57 عاماً) إنه يعاني من صعوبة في المشي بسبب الصدمات الشديدة التي تعرض لها أثناء الاحتجاز وأمراض أخرى، مشيراً إلى أن "القوات الأميركية اعتقلته دون أي سبب أثناء عودته إلى منزله في 31 تشرين الأول 2003، وتم نقله أولا إلى قاعدة الحبانية في محافظة الأنبار ثم إلى سجن أبو غريب بعد 5 أيام".
وأضاف "احتجزت في السجن لمدة عام و4 أشهر دون أي سبب، وكان الجنود الأميركيون يسألونني باستهزاء عن سبب اعتقالي".
وتابع: "لم تكن هناك فضيحة واحدة، بل كانت هناك فضائح كثيرة في أبو غريب، كانوا يهاجموننا بالكلاب ويلقون القنابل الصوتية علينا، وكذلك تم تعذيبنا جنسياً"، مؤكداً "إطلاق الجنود الأمريكيين الرصاص الحي باتجاه المهاجع في السجن".
ذكر محمد "قُتل شخصان بالرصاص أمام عيني، ثم وضعوا القتلى في كيس أسود، عندما رأيت ذلك، بدأت أعاني من مشاكل نفسية، ولا تزال آثار التعذيب ظاهرة على يدي وأجزاء أخرى من جسدي".
ولفت إلى أنه أصيب بمرض جلدي بسبب مشاكل نفسية مستمرة منذ نحو 20 عاماً، مؤكدا أنه لم يتماثل للشفاء رغم تلقيه العلاج النفسي.
وشدّد أن "هناك المئات من الضحايا يستحقون الحصول على تعويضات على غرار المساجين الثلاث"، منوّهاً إلى أنه "ربما أعاني من مشاكل أكثر من هؤلاء الأشخاص الثلاثة، لكن الحمد لله استطاعوا الحصول على حقوقهم".
وأعرب الناجي من مأساة أبو غريب عن "رغبته بالحصول على تعويضات من الولايات المتحدة"، لافتاً إلى أنه "احتجاج للاتصال بمحام لرفع دعوى قضائية في الخارج، لكني لا أملك الأموال لدفعها للمحامي".
فضيحة شتت أسرة
وذكر محمد أنه راجع العديد من الجهات في العراق للحصول على حقوقه بعد إطلاق سراحه من السجن، دون الوصول إلى أي نتيجة، مشيراً إلى أن "زوجته تركته بعد إطلاق سراحه من السجن بسبب صور التعذيب التي تسربت إلى الصحافة".
وقال: "زوجتي طلبت الانفصال مباشرة بعد إطلاق سراحي من السجن، وأبنائي اضطروا للتخلي عن الدراسة بسبب الصدمة والتمييز في المدرسة، كما اضطرت بناتي لترك الدراسة بسبب الضغوط في الحي".
أكد محمد، الذي يسكن في شقة إيجار بالعاصمة بغداد، على تعرضه مراراً للتنمر من أصحاب المنازل كونه سجين سابق في أبو غريب، مبيناً أنه "مريض يعاني من ارتفاع ضغط الدم وأمراض في القلب، فيما لا يتقاضى أي راتب من الدولة".
وسجن "أبو غريب" الذس يعرف حالياً بسجن "بغداد المركزي" يقع قرب مدينة أبو غريب على بعد 32 كيلومتراً غربي العاصمة العراقية بغداد، واشتهر إبان الغزو الأميركي للبلد بإساءة معاملة السجناء داخله وتعذيبهم دون أي مراعاة لحقوق الإنسان.
رصد معهد "منتدى الشرق الاوسط" الامريكي التحولات التي تطرأ الآن في ظل إدارة الرئيس الجديد دونالد ترامب، بما في ذلك ضرورة عدم الانسحاب من العراق، معتبرا أنه سيكون بمقدور الادارة الأمريكية الجديدة اعادة توجيه السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الاوسط.
وأوضح التقرير الأمريكي تحت عنوان "اذا غادر ترامب العراق، فسيكون ذلك هدية لإيران والصين"، انه امام الولاية الثانية لترامب فرصة اعادة تعديل السياسة التي ينتهجها جو بايدن، والتي من بينها محاولة استرضائه ايران، لتحل محلها سياسة "الضغط الأقصى"، والخروج عن سياسة شيطنة السعودية، لصالح شراكة ترامب مع ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، وذلك بالاضافة الى الخروج من العدوانية السلبية لادارة بايدن تجاه اسرائيل، لصالح الارتباط بعلاقات وثيقة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
الا ان المعهد الامريكي اشار الى انه "من غير الواضح ما اذا كان ترامب سيتراجع عن قرار بايدن بالانسحاب من العراق".
واعتبر التقرير، أنه في حال كان ترامب يسعى الى تعزيز تفوقه الاستراتيجي، فانه يتحتم عليه التعلم من دروس انسحابات الرئيسين باراك اوباما وجو بايدن، مشيرا الى ان اوباما امر في العام 2011، القوات الامريكية بالانسحاب من العراق في حين قامت الميليشيات المدعومة من ايران وتنظيم داعش بملء هذا الفراغ الناتج عن ذلك، وهو ما استدعى عودة القوات الامريكية الى البلد، بينما كانت الخسائر البشرية الناتجة عن صعود داعش كبيرة جدا.
وتابع التقرير انه في حين بادر ترامب الى اتفاق للانسحاب من افغانستان، فان ادارة بايدن لذلك الانسحاب لاحقا كانت بمثابة كارثة، مذكرا في هذا الإطار، بالفوضى في مطار كابول الدولي والهجوم الذي اسفر عن مقتل 13 عسكريا اميركيا، مضيفا ان واشنطن خسرت موقعا متقدما تظهر من خلاله قوتها، وتجمع المعلومات الاستخبارية، وتنفذ العمليات العسكرية، في حين صارت حركة طالبان مستمرة في تآمرها مع اعداء امريكا من الصين الى ايران، ويعود خطر تنظيم القاعدة وتنظيم خراسان الى الظهور من جديد.
ولهذا، قال التقرير الامريكي انه قبل الخروج من العراق، يتحتم على ترامب ومستشاريه أن يستوعبوا ما هي تكلفة التنازل عن الارض الاستراتيجية، مضيفا انه يتحتم على الولايات المتحدة البقاء في العراق، وليس فقط في اقليم كوردستان في المستقبل القريب.
ورأى التقرير ان منتقدي الوجود الامريكي في العراق بامكانهم التنديد به باعتباره خطيئة في الأصل، وإلى أن الاستثمار في العراق لم يكن متناسبا مع التعهد الذي أطلقه الرئيس جورج بوش في خطاباته المتغطرسة، الا انه اعتبر ان الولايات المتحدة ليس لديها ترف أن تتخبط في الحاضر لأنها في حالة خلاف مع الماضي.
واوضح انه "يجب على الاستراتيجيين الأمريكيين ان يتخذوا قرارات سياسية بناء على الحقيقة على الأرض في الوقت الراهن".
ولفت التقرير الى اهمية فكرة ان لدى الولايات المتحدة قوات متمركزة في العراق بتكلفة منخفضة ومع عدد قليل من الضحايا، مضيفا ان على ادارة ترامب الجديدة ان تتساءل عما ستربحه الولايات المتحدة من خلال الانسحاب.
واشار الى اهمية الاستفادة من الدرس الأفغاني، حيث بإمكان الولايات المتحدة كبديل الحفاظ على وجودها في النقاط الرئيسية مثل قاعدة عين الأسد الجوية، كما انه بامكانها تجنب اثارة خلق فراغ تستفيد منه الصين او روسيا او ايران وتملأ الفراغ، مضيفا ان استمرار التواجد الأمريكي يوفر القدرة على تحقيق نتائج استراتيجية وتشغيلية بما يساهم في تعزيز المصالح الوطنية للولايات المتحدة.
واوضح التقرير ان تعزيز المصالح يتم من خلال الأفكار التالية، اولا ان الوجود الاميركي من شأنه تمكين الولايات المتحدة من إبراز قوتها في المنطقة من خلال الوسائل العسكرية والدبلوماسية والاستخباراتية والاعلامية، وهو بدوره بمقدوره ان يساعدها في ردع طموحات ايران النووية، وإحباط عدوانية تركيا تجاه الكورد، ودعم اسرائيل في دفاعها ضد إيران ووكلائها، وتعزيز التحالفات القائمة مع المملكة السعودية ودول الخليج.
وثانيا، قال المعهد الامريكي ان الوجود الاميركي يمكن ان يساعد في احباط محاولات الميليشيات والفصائل السياسية المدعومة من ايران داخل العراق لتقويض الحكومة العراقية ونثر الفتنة.
وثالثا، اعتبر التقرير الامريكي ان الوجود العسكري الامامي يوفر مراكز لوجستية وتخطيطية من اجل شن عمليات عسكرية ضد قوات العدو التي قد لا يمكن ردعها، بالاضافة الى انها تسمح بتنفيذ عمليات متواصلة بإمكانها الحد من قدرة الخصم على حشد قواه.
أما في النقطة الرابعة، فقد قال التقرير ان بامكان التعاون الأميركي الطويل ان يخلق النفوذ على الحكومة العراقية والمواطنين العراقيين مع مرور الوقت، موضحا ان التعاون الاقتصادي مع العراق، يمكن ان يرسخ الاساس لتحالف دائم مع العراق المائل نحو الغرب في قلب الشرق الاوسط.
وبينما ختم التقرير بالقول انه ما من شيء من هذه النتائج مضمونة، الا انه اعتبر ان "التخلي عن العراق يضمن ان العكس هو الصحيح"، موضحا ان الخروج من العراق يعني خسارة اي قدرة على القيام بعمليات وتحقيق أهداف استراتيجية في المنطقة".
وخلص التقرير الى القول انه "التساؤل لا يتعلق بما إذا كان ترامب سيعيد الجنود الامريكيين الى الوطن، وانما ما إذا كان سيعمل على تقوية ايران والصين على حساب أمريكا".
نشر مقاتل من المشاة في الجيش الأمريكي قضايا وقصص مرعبة عن "معركة الفلوجة الثانية" في العراق في عام 2004، ولما فيه المقال من وصف لمشاهد قاسية، حتى انه وصف كيف تخرج قطعة من داخل جثة، ووضع قبل القصة تحذيرا بأن "هذه القصة هي رواية مباشرة غير منمقة وغير منقحة عن معركة الفلوجة الثانية، وتتضمن أوصافًا وصورًا مزعجة بصراحة، وفي رواية هذه القصة، وعدت زملائي من مشاة البحرية بأنني لن أزيّف تجربتنا".
وجاء في نص الرواية دون تصرف:
"توجد أقفاص معدنية فارغة في زاوية مظلمة ورطبة من غرفة الإعدام، تترك آثار أيادي ملطخة بالدماء علامات على الجدران الطينية الخالية من النوافذ، وتتراكم فضلات البشر في الزاوية، وتنتشر رائحة البول والموت في الهواء".
في مكان قريب، يقف مذبح مؤقت، وتلطخ الدماء الجافة التراب بجوار حامل ثلاثي القوائم فارغ. وتشعر بأن الأرضية لزجة مع كل خطوة. ويستقر القرآن الكريم على منبر. وتتناثر السكاكين والإمدادات الطبية على الأرض. ويتدلى العلم الأسود لتنظيم القاعدة على الحائط.
يخرج بعضنا إلى الخارج. ويتجادل آخرون حول ما إذا كانت بصمات الأيدي الملطخة بالدماء تعود للضحية أم للجلاد. ويتكهن البعض بعدد الرؤوس التي تدحرجت على الأرض، أو ما إذا كان الجلاد قد استخدم السكين المستقيمة أم المسننة. فهل يفضلون الكفاءة أم الألم؟
إن الفكاهة السوداء تطفئ واقعنا وتجعل المشهد أكثر قبولاً. إنه عام 2004، قبل أقل من أسبوعين من احتفال عائلاتنا في الوطن بعيد الشكر. وبينما تستأنف فرقة مشاة البحرية دورياتها عبر الفلوجة بالعراق، يتعهد بعضنا بقتل أنفسنا ـ وبعضنا البعض ـ قبل أن يحتجزنا الجهاديون في قفص. وتدور كل المحادثات حول الأقفاص والقتل. ويكافح عدد قليل من مشاة البحرية لتناول العشاء. ويبدو كابتن كانتري تشيكن أقل شهية. إن فكرة الاحتجاز في قفص تجعلني مستيقظاً.
وعلى مدار الشهر التالي، تجردنا المعارك من إنسانيتنا بينما نجوب الشوارع. وتبرز أفضل وأسوأ ما فينا. ويضحك معظمنا على الموت. ويرسل أولئك الذين ينهارون إلى القاعدة. ويصور آخرون الجثث والمعتقلين. ويتطوع قِلة لقتل الكلاب التي تتغذى على بقايا بشرية. ومع كل معركة بالأسلحة النارية، نبتعد أكثر فأكثر عن القيم التي اعتززنا بها ذات يوم والرجال الذين كنا عليهم ذات يوم. آباء وأبناء. عمال ذوي الياقات الزرقاء وخريجو الجامعات. وحتى الابن المتغطرس لأحد المليارديرات.
لقد تغير كل شيء إلى الأبد بسبب الحرب.
بعد خمسة أسابيع قضيناها في الفلوجة، يبدو أن العديد منا قد فقدوا طريقهم، ولم يعد يزعجهم الفساد المحيط بنا. يضحك بعضنا على قطة صغيرة تزحف خارج تجويف صدر جثة، وبعد أن حولت إحدى صواريخي إنساناً إلى ظل دموي على الحائط.
إن أغلبنا يحتفل بالجثث الممزقة التي شوهتها الصواريخ والقنابل. ويلتقط بعضنا صوراً للجثث وهي تنفجر مثل تماثيل الحرب بعد انتفاخها تحت شمس الصحراء. ونحن نهتف حين تدفن الجرافات مقاتلي العدو أحياء.
الجرافة مضادة للرصاص، أما نحن فلا. وقد افترضنا جميعًا أنهم سيموتون على أي حال.
ثم في إحدى الليالي بعد عيد الشكر بقليل، استيقظنا على صوت جندي مشاة من كتيبة أخرى يضرب قطة حتى الموت على الحائط. ثم أخرج جسدها الميت من الكيس الأخضر الفارغ، فسقطت من نافذة الطابق الثاني إلى الشارع أدناه. قال إن الحيوان كان يصدر الكثير من الضوضاء. ثم استلقى بجانبنا.
نحن جميعا نعود إلى النوم.
لقد مرت عشرون عاماً الآن ـ نصف عمرنا ـ منذ خاضنا أعنف معركة في الحرب العالمية ضد الإرهاب. وكان الرئيس جورج دبليو بوش قد فاز للتو بإعادة انتخابه، على الرغم من المخاوف بشأن حرب العراق والأكاذيب التي قادتنا إلى هناك. ومرت ثمانية عشر شهراً منذ أعلن "انتهاء العمليات القتالية الكبرى" في العراق.
ولكن التمرد كان يزداد قوة. فقد قام المسلحون بتفخيخ الطرق بالمتفجرات وقطع رؤوس المتعاونين العراقيين في غرف القتل ـ مثل الغرفة التي اكتشفناها ـ وتم تصوير عمليات الإعدام لإرسال رسالة إلى المواطنين العراقيين والغزاة الأجانب. ولكن لا شيء كان يرمز إلى الازدراء لوجودنا في العراق أكثر من إعدام أربعة من المتعاقدين الأميركيين من بلاك ووتر في مارس/آذار 2004 ، حيث تعرضوا للضرب وإشعال النيران في جثثهم وسحلهم خلف مركباتهم وتعليقهم على أحد الجسور في الفلوجة.
في ذلك الوقت، كنت جندي مشاة بحرية يبلغ من العمر 18 عامًا، وقد تخرجت للتو من معسكر التدريب ولم أكن أعرف أي شيء عن تلك القصة. ولكن بعد سبعة أشهر، كنت هنا، في نوفمبر 2004، كواحد من حوالي 13000 جندي أمريكي وبريطاني وعراقي أُمروا بخوض عملية فانتوم فيوري ، وهي معركة استمرت 46 يومًا أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق وأعنف قتال حضري منذ معركة مدينة هوه عام 1968 أثناء حرب فيتنام. أظهرت المعركة أن ما كنا نظنه قبل عام جيوبًا للمقاومة كان في الواقع تمردًا كاملًا.
وشارك في القتال أكثر من 4000 مقاتل عدو مسلحين بالصواريخ والرشاشات والأجهزة المتفجرة من الخنادق والأنفاق والمنازل المفخخة.
وبحلول نهاية المعركة، قُتل نحو 110 من أفراد قوات التحالف، وجُرح أكثر من 600. وقُتل ما يقرب من 2000 من مقاتلي العدو، وأُسر 1500. وقُتل ما يقدر بنحو 700 مدني ، وبحلول نهاية المعركة، كان ما يقرب من نصف المدينة قد تحول إلى أنقاض . وقد مثلت هذه المعركة مرحلة جديدة في حرب خرجت عن نطاق السيطرة بسرعة، وكلفت دافعي الضرائب الأميركيين في نهاية المطاف أكثر من 728 مليار دولار ، وأدت إلى مقتل أكثر من 4500 من قوات التحالف وإصابة أكثر من 32 ألف آخرين. وفي المجموع، قُتل ما لا يقل عن 200 ألف مدني عراقي .
على مدى عشرين عاما، عاش الرجال والنساء الذين أُمروا بالقتال في الفلوجة ــ وغيرها من معارك الحروب في العراق وأفغانستان ــ مع تلك الصدمات، وعلى الرغم من نجاحاتنا الجماعية مع استمرارنا في الخدمة أو عودتنا إلى الحياة المدنية، فإن العديد منا ما زال ينتهي به الأمر في صناديق.
الضرر المعنوي. المخدرات. الكحول. الانتحار. الطلاق. السرطان الناتج عن السموم التي تعرضنا لها. والقائمة تطول.
على مدى العقدين الماضيين، تجنبت قراءة الكتب التي كُتبت عن معركتنا. ولم أشاهد الأفلام الوثائقية أو أراجع القصص الإخبارية. ونأيت بنفسي عن الاجتماعات والشباب الذين كانوا ذات يوم أصدقائي المقربين.
بينما أكتب هذه الكلمات، تذرف عيناي الدموع. فأنا خائف مما قد تفعله بي هذه الرحلة وما قد يكون رد الفعل تجاهها. ولكن كلما تقدمت في حياتي بعد القتال من منزل إلى منزل، كلما تساءلت كيف نجا جسدي ــ وعقلي ــ من هذا، وما إذا كان سيظل بوسعي أن أتحمله.
لقد توقع الجميع في الوطن أن نكون قتلة ودبلوماسيين في نفس الوقت. لقد نجحنا في الأمر الأول وفشلنا بشكل مأساوي في الأمر الثاني. ولو كنت من سكان الفلوجة الذين عادوا إلى ديارهم بعد المعركة لأكرست حياتي لقتل الأميركيين.
لم نكتف بتدمير العدو، بل نجحنا في ذلك. وأصبح الكثير منا يستمتع بذلك. ومع ذلك، فقد محينا أجزاء من أنفسنا على طول الطريق.
لقد كنا نتغوط في أحواض الاستحمام الخاصة بالناس لتجنب التعرض لإطلاق النار في الشارع. لقد حطمت صواريخي سبحات الصلاة وأحرقت المصاحف. لقد فجرت القنابل اليدوية التحف التذكارية. لقد دمرنا صور الزفاف بينما كنا نسقط الخزائن ونقلب الفرش أثناء عمليات التفتيش. في جميع أنحاء المدينة، أشعل مشاة البحرية النيران في المنازل. لقد ملأنا الأحياء بالفوسفور الأبيض والذخائر غير المنفجرة وحرقنا رماد الحفر. لقد فجرنا غرف نوم الأطفال والمدارس والمساجد.
كان التدمير ضرورة تكتيكية، لكنه كان أيضًا أمرًا ممتعًا.
بعد مرور عقدين من الزمان، أحمل الآن حقيبة أثقل: الشعور بالذنب لأنني كنت لأستطيع أن أفعل أقل. وأكثر. لمدة عشرين عامًا، كنت أتمنى لو أطلقت صاروخًا على معقل للعدو بدلاً من السماح للعريف برادلي فيركلوث بركل ذلك الباب. ولمدة عشرين عامًا، لم أتوقف عن التفكير في الوقت الذي أُمرنا فيه بالتراجع وعدم إطلاق النار على مجموعة من المقاتلين الأعداء الذين يستخدمون النساء والأطفال كدروع بشرية. هرع الجهاديون إلى أحد الأزقة.
إن قائمة أمنياتنا الجماعية بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح لا تنتهي أبدا. ولكن قائمة الأعمال البطولية التي شهدناها في الفلوجة لا تنتهي أيضا.
قبل الفلوجة، كنت أعتقد أنني أفهم معنى الحرب. الرصاص والدماء. الجثث والضمادات.
ولكن ما تعلمته من القتال هو أن دائرتك تتقلص إلى حفنة من الناس الذين يرافقونك. فلا أحد ولا أي شيء آخر يهم. لا العلم. ولا عائلاتنا ولا إخواننا الأميركيون في الوطن. ولا البحث الخيالي عن أسلحة الدمار الشامل. ولا الشعب العراقي. وبالتأكيد ليس الساسة الذين أرسلونا إلى الحرب.
لقد أُمرنا بالقتال وفعلنا كل ما كان علينا فعله للبقاء على قيد الحياة. هذه هي قصتنا.
كشف تقرير إسرائيلي، يوم الأحد، عن تحديد تل أبيب "بنك أهداف" بعضها عراقية وأخرى تابعة لفصائل مسلحة، لضربها إذا استمرت الهجمات من البلاد، فيما أشار التقرير إلى أن المسؤولين الإسرائيليين نقلوا تحذيرات عدة إلى بغداد بهذا الصدد.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، عن مسؤولين لم يتم الكشف عن هويتهم قولهم، إن الاقمار الاصطناعية راقبت عمل طهران لنقل صواريخ باليستية ومعدات ذات صلة من إيران إلى الأراضي العراقية، مع الهدف المفترض لاستخدامها في هجوم وشيك متوقع على إسرائيل.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن "إسرائيل تراقب وتحدد الأهداف، ذات الصلة بالميليشيات التي تدعمها إيران بالإضافة إلى أهداف عراقية".
وحذرت بغداد من أنه يجب أن تكبح جماح الميليشيات ومنعها من استخدام أراضيها لشن هجمات.
وتزايدت في الأسابيع الأخيرة هجمات المسيرات، وقال مسؤول أمني إقليمي إنه كان هناك 5 هجمات يوميا في المتوسط من داخل العراق ضد إسرائيل من جماعات مسلحة متحالفة مع إيران، وخلال الأسبوع الماضي، تم إطلاق 8 طائرات بدون طيار في فترة 24 ساعة.
وقال مسؤولان، للصحيفة العبرية، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، إن القوات الأميركية وقوات الشركاء كانوا يعترضون المسيرات الهجومية، موضحين أن الهجمات المستمرة زادت من إمكانية قيام إسرائيل بالرد بشكل مباشر على تلك الهجمات.
قال تقرير إخباري أمريكي، أن المرشد الإيراني علي خامنئي أمر المجلس الأعلى للأمن القومي يوم الإثنين الماضي بالاستعداد لمهاجمة إسرائيل، بعد أن صُدم بحجم الضرر الذي لحق بمنشآت حيوية في البلاد.
ونقل التقرير الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" عن 3 مسؤولين إيرانيين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن خامنئي اتخذ هذا القرار بعد اطلاعه على تقرير مفصل من كبار القادة العسكريين حول حجم الأضرار التي لحقت بقدرات إنتاج الصواريخ الإيرانية وأنظمة الدفاع الجوي حول طهران والبنية التحتية الحيوية للطاقة وميناء رئيسي في جنوبي البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى أن خامنئي أبلغ مسؤوليه أن نطاق الهجوم الإسرائيلي وعدد الضحايا، حيث قُتل ما لا يقل عن أربعة جنود، كبير للغاية بحيث لا يمكن تجاهله.
ولفتت إلى أن المرشد أكد أن عدم الرد سيعني الاعتراف بالهزيمة.
ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" فإن من غير الواضح متى وكيف سترد إيران وما إذا كانت هذه التصريحات تهدف لكسب نفوذ في المفاوضات.
وأمس الجمعة، حددت وسائل إعلام إسرائيلية أهدافًا محتملة لضربة إيرانية وشيكة، مما دفع تل أبيب إلى اتخاذ إجراءات عسكرية استباقية.
وأشارت القناة 13 الإسرائيلية إلى أن الرد الإيراني المرتقب سيكون ضد أهداف عسكرية إسرائيلية، فيما أكدت هيئة البث الإسرائيلية تغيير الدفاعات الجوية حول منشأة استراتيجية تحضيرًا للضربة.
وتوقعت التقديرات أن تكون ردود طهران إما مباشرة من أراضيها أو عبر وكلائها في العراق واليمن.
والأربعاء، نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية عن مصدر رفيع المستوى قوله إن الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على إيران ستقابل برد "حاسم ومؤلم"، من المرجح أن يأتي قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وذكر المصدر المطلع على ما يجري تداوله في طهران أن "رد إيران على عدوان إسرائيل سيكون حاسمًا ومؤلمًا".
ورغم أن المصدر لم يذكر موعدًا محددًا للهجوم، لكنه قال إنه "سيحدث على الأرجح قبل يوم الانتخابات الرئاسية الأمريكية".
وشنت إسرائيل الأسبوع الماضي هجوما على إيران؛ ردا على الضربات الصاروخية التي نفذتها طهران ضدها مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وقالت صحيفة "وول ستريت جورنال"، تم تدمير جميع أنظمة الدفاع الجوي الأربعة الأكثر تقدما لدى الإيرانيين - أنظمة إس-300 - في الهجوم الإسرائيلي، فضلا عن أضرار بالغة بصناعة الصواريخ الباليستية.
يشكل الإدمان الإلكتروني ظاهرة آخذة بالانتشار في المجتمعات، ومنها العراق، نتيجة الانفتاح الكبير على التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، فعلى الرغم من الفوائد العديدة لهذا الانفتاح، إلا أنه لا يخلو من الآثار السلبية التي قد تؤدي إلى زيادة المشكلات النفسية والسلوكية، وفقاً للمختصين اللذين يرون أن التكنولوجيا بأنها "سلاح ذو حدين" يحمل إيجابيات وسلبيات في آن واحد.
وبرز الإدمان الإلكتروني بوضوح في العراق منذ العام 2010، حيث يقضي المستخدمون فترات طويلة على المنصات الرقمية، يقول الباحث الأكاديمي قاسم الكناني، إن الانغماس في وسائل التواصل أدى إلى بروز شخصيات أصبحت قدوة لعدد كبير من الشباب رغم افتقارها إلى الثقافة البناءة.
ويشير إلى بعض السلوكيات التي ظهرت، حيث يقضي بعض الشباب أكثر من 10 ساعات يومياً في اللعب عبر البث المباشر، "وقد وصل الأمر ببعضهم إلى ارتداء حفاظات لتجنب الانقطاع عن اللعب من أجل الذهاب إلى الحمام".
ويعزو الكناني هذه التصرفات إلى "آثار الإدمان الإلكتروني المدمرة، والتي قد تؤدي إلى عزلة وانعزال عن المجتمع، مما يعمّق مشكلات التواصل الاجتماعي ويضعف الروابط الأسرية".
عزلة وانطواء
ويشرح الطبيب النفسي هيثم الزبيدي، أن الإدمان الإلكتروني يدفع الأفراد إلى الابتعاد عن العالم الواقعي والانغماس في العوالم الافتراضية، حيث تتشكل لديهم أفكار ومفاهيم بعيدة عن الواقع.
وهذا الانعزال، وفقاً للزبيدي، يؤدي إلى ضعف التواصل الاجتماعي والتقصير في المسؤوليات تجاه الذات والأسرة والمجتمع، مؤكداً أن هذه العزلة قد تصل بالمدمن إلى اضطرابات نفسية حادة.
إحصائيات
وكان مركز الإعلام الرقمي أعلن، في 24 شباط/ فبراير الماضي، وصول عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة في العراق إلى 31.95 مليون مستخدم، ما يعادل 69.4% من إجمالي عدد سكانه.
ووفق المركز فإن منصة "تيك توك" أصبح عدد مستخدميها أكثر من 31 مليون مستخدم هذا العام بزيادة كبيرة عن العام الماضي، الذي بلغ 23.88 مليون مستخدم، وفي "فيسبوك" ازداد العدد وأصبح 19.30 مليوناً، في حين كان العام الماضي 17.95 مليون مستخدم.
وفي موقع "يوتيوب" فإن عدد مستخدمي المنصة أصبح 22.80 مليون مستخدم بعد أن كان 24.30 مليون مستخدم العام الماضي، وعبر تطبيق "إنستغرام" فقد أصبح العدد 18.25 مليوناً هذا العام، بعد أن كان 14 مليوناً العام الماضي.
وفي "فيسبوك ماسنجر" أصبح العدد 15.70 مليون مستخدم بعد أن كان 15.10 مليون مستخدم العام الماضي، فيما في تطبيق "سناب شات" فقد أصبح العدد 17.74 مليون مستخدم بعد أن كان 16.10 مليون مستخدم.
وفي منصة "إكس" أصبح عدد المستخدمين 2.55 مليون بعد أن كان 2.50 مليون مستخدم، و"لينكد أن" أصبح عددهم 1.90 مليون بعد أن كان عدد المستخدمين 1.70 مليون مستخدم.
من جانبه، يرى الخبير التربوي حيدر الموسوي أن دخول التكنولوجيا إلى العراق بشكل مفاجئ وغير تدريجي بعد العام 2003 أسهم في صعوبة السيطرة على استخدامها. ويشبّه هذا التدفق الواسع بالتعامل مع "عطشان يشرب الماء دفعة واحدة، ما قد يضره بدلاً من أن ينفعه".
ويقترح الموسوي خلال حديثه، أن تدخل التكنولوجيا يجب أن يكون منظماً وبإشراف الأسرة والدولة، مع ضرورة انتقاء المحتوى المناسب لمختلف الفئات العمرية.
ويشير إلى تجارب بعض الدول التي تقيد استخدام تطبيقات مثل "واتساب" و"تيك توك"، مما يساهم في الحد من التأثيرات السلبية لهذه المنصات، عادياً إلى تشديد الرقابة الأسرية والحكومية على المحتوى المتاح، واتباع أساليب التوجيه والمتابعة لضمان استخدام آمن للتكنولوجيا.
التوصيات والإجراءات الممكنة
ويرى خبراء وأكاديميون ضرورة وضع بعض الضوابط حول الأمر تبدأ عبر توعية الأسر والمدارس بأضرار الإدمان الإلكتروني، من خلال تنظيم حملات تقدم نصائح حول الاستخدام الصحي للتكنولوجيا.
كما يقترحون أن يتم تنظيم استخدام التكنولوجيا بشكل مقنن وأن تقوم الدولة بوضع ضوابط للوصول إلى بعض المواقع، مع إيجاد أنشطة بديلة للشباب، مثل الرياضة والمجال الفني، لتوجيه اهتمامهم بعيداً عن الشاشات وتوفير بيئات تفاعلية أكثر إيجابية.