عراق2023 بين موازنة الحكومة و موازنة البرلمان
٤ی ئایاری ٢٠٢١
1467
في مقال سابق أشرنا الى ان الموازنة الثلاثية غير معتادة و غيرمجربة غالبا، و في نفس الوقت فان (قاعدة سنوية الموازنة) المتبعة وهي معتادة و مجربة غالبا و هي بمثابة (عرف) متبع وليست بـ (قانون). كما فان قاعدة سنوية الموازنة أكثر توافقا مع استخدام أسلوب ( موازنة البنود)، لذلك نوهنا الى انه، بما ان الحكومة العراقية الحالية قد جاءت في ظروف استثنائية، وجاءت ايضا بموافقة الأطراف السياسية المتنفذة و عدم اعتراضها على برنامج عمل حكومة السوداني الحالية، لذا من الممكن ان تكون الموازنة العامة الحالية (ثلاثية السنوات).
السؤال.. ماذا يجري الان بخصوص مناقشة بنود الموازنة العامة المقترحة من قبل الحكومة داخل البرلمان؟
قبل الإشارة الى الإشكالات الحالية الموجودة بين الحكومة و البرلمان لابدالاشارة الى مايلي:
أولا- في النظام السياسي البرلماني ، كما هو الحال في العراق، هناك علاقة( تعاونية ورقابية) بين السلطتين (التنفيذية و التشريعية)في ادارة امور الدولة.
ثانيا- ان كان النظام السياسي (رئاسيا او برلمانيا او مختلطا) فان الحكومة هي مسوؤلة مطلقا عن إعداد الموازنة العامة للدولة سواء كانت سنوية او لأكثر من السنة.
ثالثا- تقدم الحكومة الموازنة المعدة من قبلها للبرلمان لغرض مناقشتها ومن ثم المصادقة عليها لاجل تنفيذ بنودها وفقا للبرنامج الحكومي بهدف تحقيق أهداف اجتماعية و اقتصادية و ثقافية و تعليمية و غيرها وفقا لخطة العمل الحكومي.
وكما جرت العادة و حسب العرف و القانون المعمول بهما في الانطمةالحكومية المعاصرة، فان نطاق تدخل البرلمان في اجراء التغيرات في (مبالغ او تخصيصات او بنود ) أقسام الموازنة ( محدود )، لان:
١- الحكومة المعدة لمشروع الموازنة العامة مشكلة مسبقا من قبل الاغلبية البرلمانية في النظام البرلماني كالحكومة العراقية الحالية.
٢- وان الاغلبية ألبرلمانية قد وافقت مسبقا، داخل البرلمان ،على البرنامج الحكومي المقدم اليها، والتي على اثرها تمت المصادقة غلى تشكيل الحكومة الجديدة.
٣- لذا من المفترض ان تعكس تفاصيل الموازنة العامة توجهات الاغلبية البرلمانية المشكلة والداعمة لتلك الحكومة باستثناء توجهات المعارضة البرلمانية التي ترى عكس توجهات الاغلبية البرلمانية في امور عديدة.
٤- كما ان الحكومة المنتخبة مسووءلة امام البرلمان تجاه تحقيق برامجها الحكومية لتحقيق أهدافها المرسومة.
ولكن ان ما يلاحظ، بخصوص مناقشة موازنة العراق لسنة 2023 الحالية، كأنها هناك (مشروعان مقترحان) لموازنة العراق، واحدة معدة من قبل الحكومة والثانية معدة من قبل البرلمان، وهذا مخالف تماما للعرف المتبع في حكومة مشكلة بموجب النظام البرلماني المعاصر.
حيث ان كثرة التغيرات التي ينوى البرلمان إجراءها على مواد وفقرات الموازنة ومن حيث القيام بحذف مواد مدرجة و اضافة مواد جديدة يخالف الى حد كبير، البرنامج الحكومي الحالي، وكأننا نجد أمامنا مشروعان لموازنة 2023، وهي حالة نادرة الحدوث في الدولة الاعتيادية الا في الدولة المضطربة.
وهنا اذا حللنا هذه الظاهرة العراقية الاستثنائية، بصورة موضوعية و قانونية بخصوص مناقشة وتصديق الموانة فإنها:
١- تعرقل تنفيذ البرنامج الحكومي مستقبلا تجاه تحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الى اخرها.
٢- وكما ان هذا الوضع المضطرب قد يؤدي بالحكومة الحالية الى إقامة الدعاوى، فيما بعد اجراء المصادقة على الموازنة، لدى المحكمة الاتحادية للاعتراض على تلك التغيرات الجارية على فحوى الموازنة ،و التي ليست بامكانها القيام بها لاجل تنفيذ برامجها الموعودة.
٣-و قد يؤدي بالحكومة ان تعلن عن عدم مسووءليتها امام البرلمان، جراء عدم قيامها بتادية قسم من واجباتها الموعودة بسبب تلك التغيرات في موازنتها المقترحة والتي تعيق قدرتها على التنفيذ.
٤- قد تؤدي هذه الحالة الى خلق نوع من الإضطراب المستقبلي في العمل الحكومي والبرلماني وفي طبيعة العلاقة الدستورية بين الحكومة الاتحادية و حكومة الاقليم، فيما يخص التمويل المالي للإقليم وتنفيذ بنود الاتفاقية النفطية المبرمة بينهما و غيرها من جهة، وبين الحكومة الاتحادية وادارات المحافظات العراقية الاخرى من حهة اخرى، ناهيك عن امكانية اختلاق لاضطرابات سياسية واقتصادية وشعبية وغيرها.
وفي الختام تجرى عادة عند مناقشة الموارنة العامة لاجل تصديقها بالصورة التي التي ان لا تؤثر سلبيا على تنفيذ البرنامج الحكومي المعلن عنه وفقا لمبادىء عامة كما يلي:
١- لا يجوز للبرلمان ان يقرر رفع مبلغ (التخصيص المالي) المقرر للموازنة العامه المعدة من قبل الحكومة.
٢- لا يجوز للبرلمان تخفيض (تخصيصات) الرواتب والأجور.
٣- لا يجوز للبرلمان حذف او اضافة اية مواد في الموازنة العامة الا بغد مناقشتها مع الحكومة و استحصال موافقتها.
٤-لايجوز اجراء التعديل في ( العجز المالي المخطط ) دون مناقشته مع الحكومة و استحصال موافقتها.
وعندما نراجع (المادة 62 بفقرتيها اولا و ثانيا) من الدستور العراقي لعام 2005، تجيز للبرلمان (فقط) اجراء (المناقلة) بين أبواب و فصول الموازنة العامة، وتخفيض مجمل مبالغها وله عند الضرورة، ان يقترح على مجلس الوزراء زيادة اجمالي مبالغ النفقات.
ولكن ايضا، يفضل عرفا ان تكون هذه الزيادة بموافقة الحكومة.
خلاصة القول.. لا يجوز للبرلمان ان يتجاوز الصلاحية الممنوحة له بموجب المادة الدستورية المرقمة 62 بخصوص اجراء التغيرات في مواد وفقرات الموازنة العامة المقدمة من قبل الحكومة لسنة 2023 الا بعد استحصال موافقتها وبعكسه سوف تضطرب العلاقة التعاونية والرقابية بينهما وتعكس اثارها السلبية على الوضع العراقي ككل.
د.اراس حسين دارتاش