ركضة طويريج

10/06/2021
2222 جار خوێندراوەتەوە

ستران عەبدوڵلا

المشهد: مسلمون بالملايين، رجالا ونساء، شيبا وشبابا، صغارا وكبارا، يركضون بشكل عفوي من منطقة (كنطرة السلام)- 3 كم- شرق مدينة كربلاء الواقعة في طريق كربلاء- طويريج.(وطويريج هو احد الأقضية التابعة لمحافظة كربلاء، يبعد عنها 22 كيلو متراً)، تنطلق الركضة بعد صلاة الظهر صوب مرقد الامام الحسين (ع)، وبعده الى مرقد ابي الفضل العباس، لتختتم في (المخيم الحسيني)، يرددون نداء (واحسين واحسين).
اصل المشهد: (ركضة طويرج) التي عدها احد المراكز المتخصصة بمجال الاحصاء، اكبر تجمع بشري في العالم، وحدثا فريدا من نوعه، وطقسا دينيا حسينيا، كانت بداياته بحدود 1303 هــ المصادف1885 م.
وفي روايات يؤكدها المؤرخون ان (ركضة طويريج) هي تظاهرة حسينية عفوية أقامها أهالي وعشائر (طويريج)، حيث يذكر كبار السن ان ليلة العاشر وعند الانتهاء من قراءة (المقتل) في دار السيد ميرزا صالح القزويني تخرج الجموع تنادي (يا حسين يا حسين)، (مهرولة) لنصرته في ازقة المدينة، بعدها انتظمت الركضة وانتقلت الى كربلاء المقدسة بشكل منظم يوم العاشر، وكان يتقدم الجموع المؤمنة من أهالي (طويريج) وباقي المحافظات السيد ميرزا القزويني ممتطيا جواده معلنا بدء الركضة.
وثمة روايات اخرى تقول، ان (الركضة) استمدت قدسيتها عندما شارك فيها السيد (مهدي بحر العلوم) وكذلك السيد (المازندراني) وغيرهما من المراجع الدينية في ذلك الوقت.
ينطلق هذا الكرنفال الحسيني بعد صلاة الظهر، وحسب مؤرخين، في الساعة واللحظة التي بقي فيها الحسين وحيدا على ارض كربلاء ينادي (هل من ناصر ينصرنا)، ولكون (الركضة)، تبدأ من (قنطرة السلام)، التي تقع على طريق (طويريج) فسميت الممارسة بــ(ركضة طويريج).
وجاء سبب اختيار هذا المكان من اجل التحاق ابناء كربلاء بابناء مناطق الوسط والجنوب من هذه النقطة لينطلق المؤمنون (مهرولين) باتجاه مكان قبري الامام الحسين واخيه العباس ولسان حالهم يقول (ياحسين لبيك جئناك ناصرين).
وتستمر الحشود المليونية بـ(الهرولة) مروراً بشارع الجمهورية، ثم شارع الامام الحسين (ع)، بعدها يدخلون الى الضريح الشريف من (باب القبلة) ويخرجون من الباب المقابل لمرقد ابي الفضل (ع)، فيجتازون منطقة بين الحرمين الى ضريح ابي الفضل العباس وعند خروجهم من الضريح تكون قد انتهت هذه الممارسة الحسينية.
شكلت (ركضة طويريج) تهديدا للانظمة الطاغية التي حكمت العراق حتى عام2003، حيث تتحول هذه المناسبة العظيمة الى مشروع سياسي كبير يقوده الناس بشكل فطري للاعلان عن رفض السياسات المستبدة والحرمان والظلم الذي تعرض له شعبنا العراقي طوال عقود من الزمن. وايضا يتحول هذا الحشد المليوني الكبير الى مؤسسة متكاملة تؤدي الطقوس الروحانية بدافع العشق للحسين وثورته الخالدة ضد الظلم والطغيان.
من المهم ان نمر على التاريخ ليكون نقطة التقاء بين الماضي والحاضر، نستلهم منه القيم الحضارية للامة، المتمثلة بالشموخ والتضحية والبطولة وكل الفضائل الاخلاقية التي تجسدت في شخص الامام الحسين وتاثيرها في حياة الناس، ولذلك يعيد التاريخ نفسه كل عام في محرم ليتذكر الناس، ان الحسين اراد لثورته الحياة وليس الموت، وما (ركضة طويريج) الا مشروع حياة يتجدد ويفجر الطاقات لدى الناس، ويعطيهم الفرصة للاندماج والالتقاء والحوار والانطلاق بالمشروع الحسيني الاصلاحي النهضوي والتفاعل معه على اساس حق الحياة الكريمة الحرة في هذا الوطن الكبير.